الحجة تكرّم شهيد الكنيسة الخوري خليل سمعان بعد 21 عاما على استشهاده
تكرّم رعية مار يوسف في منطقة الحجة الجنوبية يوم السبت 23 تموز الحالي الخوري خليل سمعان الذي خدمها لما يزيد عن 18 عاما وذلك في اطار احتفالاتها اليوبيلية ببناء كنيسة مار يوسف. الخوري سمعان، شهيد الكنيسة المارونية كان قد استشهد منذ 21 عاما على يد مجموعات حزبية ولم تتوصل التحقيقات حتى يومنا الى تحديد المجرمين ومعاقبتهم، اذ طوي التحقيق مع تسليم رفاة الخوري سمعان في العام 1991. اليوم، ومن بلدة الكفور الجنوبية يتحدث نجله الخوري يوسف سمعان عن القضية احياء لذكرى والده وليس بهدف اعادة فتح ملفات شائكة أو اثارة نعرات طائفية، كما يؤكد. الخوري خليل سمعان سمعان “ولد في الكفور- قضاء النبطية في 30 كانون الثاني من العام 1934 ودخل دير مار مارون مجدل معوش- قضاء الشوف في العام 1947. في العام 1986 احتفل بيوبيله الكهنوتي الفضي حتى عيّن خادما لرعية مار يوسف في قرية كفروه في العام 1987. في 2 كانون الأول 1987 اختطف على طريق عام الكفور- النبطية، وفي 27 تموز 1991 تم تسليم رفاته الى المطران خليل أبي نادر راعي أبرشية بيروت المارونية”. هكذا يختصر الخوري يوسف سمعان الابن حوالي 56 عاما من عمر والده الراحل الذي لا تزال ذكراه تظلل يوميات عائلة سمعان وبالتحديد زوجته التي لم تفك حدادها الداخلي يوما. للأب الراحل خليل سمعان 6 أولاد. هو رفض ترك منطقته حتى في اصعب الظروف التي مر بها المسيحيون هناك خلال الحرب اللبنانية. خدم بأكثر من رعية فتنقل من مار يوسف العدّوسية الى مار يوسف الحجّة فمار يوسف كفروه وصولا لسيدة النجاة في الكفور. قضى أكثر من 35 عاما مدرّسا في عدد من المدارس الرسمية في مناطق مسيحية وشيعية على حد سواء. صباح 2 كانون الأول 1987 وأثناء توجهه الى دير الراهبات الأنطونيات في النبطية للاحتفال بالقداس الالهي اختطف على طريق عام الكفور-النبطية. غاب أي خبر عنه طوال 3 سنوات و 8 أشهر الى ان أعيد الى ذويه في 27 تموز 1991 رفات (كان قد توفي منذ عام تقريبا) عن طريق أبرشية بيروت المارونية. المتهمون وبحسب الخوري يوسف سمعان، عناصر حزبية ويضيف: “نحن لم نرفع أي دعوى، التحقيق العام أخذ مجراه وقد طوي مع تسليم الرفات. تسلمنا الجثة من ضاحية بيروت الجنوبية في بئر العبد بعدما توسطت لنا أكثر من جهة وقد قاد حينها الوساطات الخوري ايلي ضو، والمطران خليل أبي نادر وقد تسلمنا الرفات من خلاله”. يرفض الخوري سمعان الجزم بالجهة القاتلة، مذكرا بأن الحرب اللبنانية لم تميّز بين بريء ومجرم ويقول: “كنا نعيش بجو من التعصّب الشديد وكان التقارب الاسلامي المسيحي يزعج الكثيرين لاعتبارات سياسية ودينية معا. كان الهدف غير المعلن تهجير المسيحيين… فبعد اختطاف الوالد توقف القداس الالهي في المنطقة لحوالي الـ8 اشهر”. ويروي الخوري سمعان أن عائلته لم تترك بابا الا وقرعته خلال فترة الاختطاف ولكن من دون جدوى، ساردا أن بعض المصطادين بالماء العكر ادعوا أنّهم اختطفوا والده وطالبوا بفديات مالية وقال: “عشنا الامرّين في هذه المرحلة ولكننا كنا مستعدين للقيام بالمستحيل لعودة الوالد. هو لم يكن يتبع لأي جهة حزبية، اختطف لأنّه رجل دين مسيحي ماروني. هذا كان ذنبه الوحيد بنظر خاطفيه”… وبحسرة المفجوع يقول الخوري سمعان الابن: “لا زلنا نتساءل اهذه هي مكافأة الرجل الذي قام بالمستحيل للحفاظ على روحية العيش المشترك؟ الحزن كبير ومن دون أدنى شك لكننا على يقين أن ربنا سيحاسب القتلة. نحن لم نرفع أي دعوى قضائية لنوجه رسالة للمجرمين أن ديننا دين التسامح والمحبة وأن الكلمة سلاحنا الوحيد لخلاص النفوس”. “مباشرة بعد استشهاد والدي قررت أن أبني منزلا في الكفور حيث أعيش اليوم مع عائلتي ايمانا منا بأن رسالة المسيح ستستمر في أرض البشارة. اليوم ومن أصل 2300 نسمة مسيحي يعيش 110 أشخاص فقط في الكفور”… وعن الوضع المسيحي هناك وفي الجنوب عموما يقول الخوري سمعان الابن: “الأمور تتحسن وتتطور. نسعى لبناء علاقات هادئة وصريحة مع الفرقاء كافة. يمكن القول أن الأجواء جيدة ومؤاتية”. ويعتبر الخوري يوسف سمعان الابن أن “مصيبة المسيحيين هي من المسيحيين أنفسهم لأنّهم لم يتعلموا بعد كيف يعيشون روح الانجيل كما يجب” ويضيف: “سمحنا للآخرين أن يخططوا ويفكروا عنّا ونحن منهمكون بمصالحنا الضيقة. المطلوب أن نتوحد بأسرع وقت ممكن والا سيصيبنا ما أصاب مسيحيي العراق ومصر…” كلمة أخيرة في الخوري خليل سمعان أنه اضطهد وخُطِف لـ”أجل اسمه”، مصيبته أن رجال كنيسة المسيح تخلّوا عنه، فالبطريرك السابق نصرالله صفير نعاه قبل أن يهوي على مذابح الكنيسة، إذ لم تنفع تضرّعات الأهل لدى زيارتهم له لمحاولة اجراء تبادل بينه وبين آخرين أيام الحرب المشؤومة. فقتل مرتين، الأولى عندما قتله الخاطفون والثانية عندما قتله رجال كنيسته بعدم التوسّط لاطلاق سراحه. يُذكر أن المطران شكرالله نبيل الحاج مطران صور للموارنة يترأس القداس التكريمي للخوري خليل سمعان الذي يقام في كنيسة مار يوسف الحجة الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم السبت 23 تموز 2011. يلي القداس تبادل للتذكارات، كلمة لكاهن الرعية، كلمة للعائلة وزياح باتجاه الكنيسة الجديدة. |
|