ليرتفع دخاني كالبخور أمامك
هل أصبح التدخين إلها؟
أيها الأحباء قال لنا يسوع في الإنجيل: "لا تعبدوا ربيّن، الله والمال". ويمكن أن يكون المال الكثير من الأمور غير النقود. فالمال هو كل ما يميل إليه قلب الإنسان ويتعلّق به أكثر من الله. وبالتالي يصبح كلّ ما نتعلّق به بطريقة استثنائيّة وثنٌ وإله يُبعدنا عن الإله الحق.
نعم، التدخين وثنية قديمة جديدة تغزو العالم، في وقت يسعى كل العالم لإصدار قوانين منع التدخين في الأماكن العامّة والخاصة. فما هي هذه الديانة الوثنيّة؟
من المعلوم أن لكل ديانة معموديتها وليترجيتها وأوقات صلاتها وأدوات تقادمها ومحرقاتها بالإضافة إلى الاستشهاد في سبيل قيمها. هذه المقوّمات تنطبق على المدخنين، ويا ليت العابدين من كلّ الديانات يلتزمون بعباداتهم كما يلتزم المدخنون.
أودّ أن أبين لكم من خلال هذا المقال كيف يصبح المدخن عبدا لإله التدخين.
أولا: تبدأ رحلة التدخين بمعمودية تكون؛ إما هدية إنتساب أحدهم إلى"بوطة" ما، إما سرقة سيجارة ومجّها بعد أن يكون حلم "أنا كبرت" قد تعتع دماغ أحدهم.
ثانيا: للتدخين ليتورجية خاصّة وأوقات صلاة محدّدة؛ فالبعض لا يمكنهم بدأ نهارهم من دون تمجيد السيجارة وتلوين نكهتها بطعم قهوة الصباح، ومنهم من يدأب على مجّ سيجارة كلّ نصف ساعة، منهم من تكون السيجارة ملهمته ومنهم من ينفّخها في أوقات التعصيب والزعل. ولوقت الفرح سيجارته كما للمناسبات الحزينة "لفافتها".
ثالثا: للتدخين أدوات ونكهات وأحجام ومناسبات ومقامات. فمن السيجارة الرفيعة إلى العادية، إلى السيجار الصغير والوسط والكبير والأكبر، ولكل منهم نكهاته وطريقة لفّه وطبخه، ولكل منهم سعره وزبائنه. ومع اجتياح الأراكيل لكل زاوية في البيوت والمحلاّت والسيارات وحتى الموتوسيكلات، تتنوّع النكهات والطعمات والموت واحد...
نعم الموت واحد، لكنه بطعمات مختلفة. هو الاستشهاد في سبيل السيجارة.
كم من الأشخاص قيل لهم إما أن توقف السيجارة وإما تموت! وإذا بالجواب الموت ولا التخلّي عن المعبود. فكيف يمكنني أن أوقف حرق البخور على مذبح إله العصور؟
صديقي الشاب أعلم أن السيجارة تجذبك لكن لا تدعها تغلبك، لأنك في اليوم الذي تستسلم لها ستحرقك من الداخل. فلا دخان من دون نار.